مقال الإسبوع للكاتب والمحلل السياسي هاني مسهور..الجولان ورقة انتخابية عابرة للحدود
(نخبة حضرموت) البيان
كمشهد مكتوب على الورق، يعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيوقع وثيقة يعترف بموجبها بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية، يتصدر الخبر نشرات الأخبار وتخرج بيانات الاستنكار من كل مكان، وفي طريق نتنياهو للبيت الأبيض لاستلام الوثيقة تحوم الطائرات الإسرائيلية على غزة وتتصاعد اللهجة بشن حرب واسعة على القطاع وتنحبس الأنفاس حتى يوقع ترامب الوثيقة ويسلم نتنياهو الجولان وبذلك ينتهي المشهد الدرامي في إطار موسم انتخابي في إسرائيل وتركيا واستعداد ترامب لولاية ثانية فوثيقة الجولان مجرد ورقة انتخابية يستفيد منها الجميع.
الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كلاهما يستعدان لخوض معارك انتخابية صعبة، وتبدو ورقة الجولان أفضل ما يمكن أن يرفعه الرجلان كشعارات في المهرجانات الانتخابية، نتنياهو المحشور في قضايا الفساد يحتاج للجولان ليقدم نفسه أمام الناخب الإسرائيلي كبطل استطاع منح إسرائيل قطعة أرض عربية كانت مرهونة بالقرارات الدولية على مدار نصف قرن، اليوم يحرك تلك القرارات عبر وثيقة أمريكية وإن كانت لا تعني تغييراً لكنها تمنح تأثيراً انتخابياً تمهد لفوزه بالانتخابات الوشيكة، في المقابل سيبقى الرئيس الأمريكي ترامب منتظراً دعم اليهود الأمريكيين في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة عام 2020م، ولن يتأخر التأييد فما قدمه ترامب وما سيقدمه بعد الانتخابات الإسرائيلية سيحصل عليه دعماً هائلاً لن يستطيع خصومه الديمقراطيون مواجهته.
وبما أنه موسم انتخابات، وبما أن الجولان قضية يمكن استثمارها انتخابياً خرج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والذي يستعد هو الآخر لخوض الانتخابات البلدية ليقدم نفسه كحامي الجولان والمدافع عن الأمة الإسلامية وترابها، وكعادته فلقد اتهم الدول الخليجية بالتقصير من باب الزج بهذه الدول في تصريحاته التي يتسلق فيها على الأزمات العربية والإقليمية وكما يحب أن يظهر نفسه كآخر سلاطين الدولة العثمانية البائدة، فلقد أرعد وأزبد في تكرار لمشاهد مستدامة لا تتوقف عن رفع شعارات المزايدة لتحقيق مكاسب انتخابية.
تركيا تحتل أراضي عربية فمن لواء الاسكندرونة إلى عفرين وإلى تدخلات الجيش التركي في العراق هي ذات الممارسات الإسرائيلية على الأراضي العربية، الاحتلال التركي وصل أيضاً إلى تدنيس التراب القطري في تدخل تركي في الشؤون العربية، هذه ليست شعارات يمكن أن يرددها أردوغان فهو يرى تدخلاته في عفرين السورية مشروعة تحت ادعاء حربه مع الأكراد وتصفية صراعاته معهم، فالمسألة لا تتجاوز بالنسبة للأتراك سوى مزايدة انتخابية تنتهي بعد الانتخابات البلدية.