أنا بريطاني مسيحي.. وأسلمت على يد محمد صلاح

(نخبة حضرموت) متابعات


بكل صدقٍ وصراحة أعترف لكم أن محمد صلاح هو ملهمي.

أنا بِن بيرد، أحد متيمي فريق نوتنغهام فورست، ومن حاملي التذاكر الموسمية لمبارياته. لا أعتقد أنني بحاجة لقول ما هو أكثر من ذلك لأقدم نفسي، ولكن لأنني أشهرت ديانتي الجديدة منذ فترة، فأود القول إنني مسلم. صرت مسلماً لكنني ما زلت الشخص نفسه، وهذا ما تعلَّمته من محمد صلاح. صلاح الذي أتمنى أن ألتقي به لكي أصافحه وأشكره. 

 

الطريف في الأمر أنني أعتقد أن أصدقائي لا يُصدقون تماماً أنني مسلم، لأنني ببساطة لم أتغير خارجياً لكن قلبي صار أفضل كثيراً.

 

لكنني بدأت محاولة تغيير سلوكياتي خاصة في أيام المباريات. إذ عادةً ما أذهب إلى الحانة، وأضع رهاناً على هذا الفريق أو ذاك، ثم أعود إلى الحانة بعد المباراة لأدرك أنني خسرت الكثير من المال وأن حلم المكسب السريع قد تبخر سريعاً أيضاً. أعلم أن هذا يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي، لكن من الصعب تغيير مثل هذا السلوك حين تكون هذه الثقافة جزءاً أصيلاً من حياتك، فالكثيرون يعتبرون مثل هذه الممارسات جزءاً لا يتجزاً من كرة القدم. 

 

دعوني أفتح لكم قلبي حتى إن شعرت بالحرج لقول ذلك، لكنَّ آرائي حول الإسلام كانت تتمثل في أنَّه دينٌ متخلف ذو ثقافة منغلقة، وأن معتنقيه مجموعة من الرجعيين، وأنَّ المسلمين في الغرب لا يريدون الاندماج في المجتمعات الأوروبية بقدر رغبتهم في السيطرة عليها، وأنهم -أي المسلمين- مشكلةً مزمنة يتجاهلها الكثيرون. بصريح العبارة أعترف أنني كنت أكره المسلمين.

 

حينما كنت طالباً في آخر سنوات المرحلة الثانوية، كنت في حاجة إلى شخصية أو كيان ألقي باللوم عليه في كل مشكلاتي. ولسوء الحظ، ألقيت بالجزء الأكبر من هذا اللوم على المسلمين، وسرعان ما اكتشفت عالم صفحات الفيسبوك والجرائد اليمينية المتطرفة، هذه الصفحات أججت كراهيتي للإسلام عبر المقاطع الدعائية الطويلة التي تشوِّه الإسلام والمسلمين.

 

ومع أنني كنت أضمِر هذه الأفكار المريعة عن الإسلام، فإنني لم أقُلها قط لأي مسلم. والسبب في ذلك لم يكن سوى أنني لم أكن أعرف أي مسلم.

 

نقطة التحول.. أغنية لصلاح

دراستي في كلية دراسات الشرق الأوسط بجامعة ليدز غيَّرت كل شيء.

 

طُلِب مِنَّا ذات مرة كتابة ورقة بحثية، وأردت أن أقدِّم شيئاً مختلفاً بعض الشيء. وأتذكر أن أستاذ القراءة قال لي: «ما رأيك في إعداد البحث عن أغنية محمد صلاح؟». وصحيحٌ أنني كنت أعرفها وكنت أستمتع بها، لكنني لم أكن أفكر فيها من هذا المنظور قط.

 

ووصلت أخيراً إلى عنوان الرسالة، الذي كان:

“Mohamed Salah, a gift from Allah”. Is the performance of Mohamed Salah igniting a conversation that combats Islamapobia within the media and political spheres?

 

أو «(محمد صلاح هديةٌ من الله). هل يُعزز أداء محمد صلاح خطاب محاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الأوساط الإعلامية والسياسية؟».

 

ومن بين كلمات الأغنية -التي ألَّفها أغنية مشجعي ليفربول على لحن أغنية Good Enough للمغني دودغي – عبارةٌ تقول: «إذا سجلت بضعة أهدافٍ أخرى، سأصبح مسلماً مثلك»، وقد دخلت هذه الجملة قلبي حرفياً لسبب ما.

 

كنت مجرد طالب عادي، أبيض البشرة، ذهب إلى مدينة مختلفة للدراسة، أشرب الخمر حتى الثمالة وأحيا حياة الطلاب. لكن دراستي في الجامعة أتاحت لي الفرصة للمرة الأولى للتعرف على الإسلام بطريقة أكاديمية.

 

وقد منحتني الجامعة الفرصة للقاء الكثير من الطلاب السعوديين. كنت أظن أنَّهم أشرار يحملون سيوفاً، لكنَّهم كانوا ألطف الأشخاص الذين قابلتهم. ومن ثَمَّ، تغيَّرت مفاهيمي السابقة عن الدول العربية تماماً.

 

كان محمد صلاح هو أول مسلم أرتبط به وأدرس حياته ومواقفه. فها هي الطريقة التي يعيش بها حياته، وهذه هي الطريقة الجميلة التي يتحدث بها إلى الناس. ومنذ بضعة أسابيع، وقف لالتقاط صورة مع أحد الأطفال من مشجعي ليفربول والذي أصيب بكسر في الأنف حين كان يجري وراءه لتحيّته والتقاط صورة معه. أعرف أن بعض لاعبي كرة القدم الآخرين كانوا سيفعلون ذلك، لكنك صرت الآن تتوقع ذلك من صلاح تحديداً.

 

التقيت أيضاً بطلاب مصريين في الجامعة، وحين اكتشفوا أنَّ بحثي كان عن أغنية Mohamed Salah, a gift from Allah أو أغنية «محمد صلاح هدية من الله»، تحدثوا معي لساعات عن مدى روعته وبساطته وأعمال الخير التي يفعلها في مصر. لدرجة أنَّ هناك مليون مصري أبطلوا أصواتهم في الانتخابات الرئاسية الماضية، وأعلنوا تأييدهم له ليصبح رئيساً على بطاقات التصويت.

 

كما أخبرني أحد المصريين الذين تحدثت إليهم بأنَّ صلاح يشمل كل ما يجب أن يكون عليه المسلم، ويتبع تعاليم الإسلام اتباعاً صحيحاً. وقال لي إنَّه يعتقد أنَّ صلاح يجعل الناس يحبون المسلمين رغم حملات الكراهية.

 

والحقيقة أن كل هذا قد لمسني بعمق وحرك شيئاً ما بداخلي. فحين يسجل صلاح هدفاً، أعتقد أنه يحرز نقاطاً تُعزِّز من مكانة الإسلام. وحين فاز بدوري الأبطال، قلت لصديقي إنَّ ذلك انتصارٌ للإسلام. فبعد أي هدفٍ يُحرزه، يسجد صلاح لربه، ويمارس شعيرة إسلامية خالصة أمام الملايين في جميع أنحاء العالم الذين يشاهدون مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز كل أسبوع.

 

لقد أظهر لي صلاح أنَّ المرء بإمكانه أن يحيا حياة جميلة وهو مسلم في الوقت نفسه، فهو لاعب رائع يحظى باحترام مجتمع كرة القدم بأكمله، أمَّا توجهاته السياسية والدينية، فليست مهمة، وهذا هو تأثير كرة القدم الإيجابي بالنسبة لي.

 

حين يقرأ غير المسلمين القرآن أو يقرأون عن الإسلام، فإنهم يرون شيئاً مختلفاً لا يُعرَض دائماً في وسائل الإعلام. وأنا شخصٌ جديد على المجتمع الإسلامي وما زلت أتعلم، ويمكنني القول إنَّ الأمر صعب، فهو يُمثِّل تغييراً هائلاً في نمط الحياة.

 

أفكر الآن ماذا سأقول لنفسي القديمة قبل اعتناق الإسلام لو قابلتها الآن؟

بكل أمانة، سأصفعها على وجهها، وأقول لها كيف تجرؤين على التفكير بهذه الطريقة في أناسٍ متنوعين ومختلفين للغاية؟! سأخبر نفسي القديمة أنه يجب عليها البدء في التحدث إلى الناس ومعرفتهم من خلال ما يقولونه عن أنفسهم لا ما يكتب أو يقال عنهم. يجب على كل نفس أن تبدأ في طرح الأسئلة والبحث عن الإجابات، فنحن نعيش في مجتمع متعدد الثقافات ومتعدد الأديان ومتعدد الجنسيات.

 

في الموسم الماضي، كان مشجعو تشيلسي يغنون أغنيةً يقولون فيها: «صلاح مُفجِّر إرهابي». وقد كانت هذه هي المرة الأولى على شبكات التواصل الاجتماعي التي أهاجم فيها أحداً هجوماً صريحاً. لقد كنت غاضباً للغاية، رغم أنني أؤمن باستخدام المزاح والدعابات في كرة القدم، لكن مثل هذه الأغنية تتجاوز المزاح وتنتقل إلى مستوى تزييف الحقائق. 

 

والآن، أقول للأطفال المسلمين في بريطانيا: «لا تخافوا من الذهاب إلى مباريات كرة القدم». لقد كنت خائفاً من التعرُّض للانعزال عن رفاقي وكنت أخشى خسارتهم لأنني أعتبرهم إخوتي. لكن الآن، صار خُمس سكان العالم إخوتي وأخواتي. 

 

يجب على المجتمع أن يوسِّع دائرة أنشطته ومداركه ووسائل تلقيه للمعلومات، يجب علينا أن نلعب كرة القدم أكثر، وأن نذهب إلى مباريات أكثر لكرة القدم حتى نمعن في حقيقة أننا على اختلافنا منخرطين في عالم واحد معاً. وأفضل مُعبِّر عن هذا التعايش هو محمد صلاح.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق