تحليل: الالتزام بمكافحة الإرهاب.. هل يقرب الجنوب من الحكم الذاتي .. دورة رابعة في عدن بما حققه المجلس الانتقالي الجنوبي “سياسيا وعسكريا”، خلال عام مضى

عدن (نخبة حضرموت) اليوم الثامن

قدم قادة الجنوب، رسائل ذا أهمية الالتزام بمكافحة الإرهاب، جنبا إلى جنب مع دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، احتفالية خطابية بمناسبة تدشين الدورة الرابعة لانعقاد الجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك عقب أيام من عودة الهجمات الإرهابية والاغتيالات التي طالت المسؤول الأمني العقيد حيدرة جبران، بحي المنصورة بالعاصمة عدن، وهجوم إرهابي أخر في أبين أوقع ضحايا بينهم مدنيون.

الأربعاء الـ16 من يونيو الجاري، عقدت الجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي اجتماعها الدور السنوي، بحضور عيدروس الزبيدي رئيس المجلس واللواء أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية، ومحافظ عدن أحمد لملس، وقيادات سياسية واجتماعية وعسكرية وأمنية، وكان الهدف من الانعقاد الرابع للجمعية، استعراض ما تحقق لجنوب “سياسيا وعسكريا”، خلال عام مضى، وبحث الملفات الخدمية، ومنها الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.

تحدث الزبيدي وبن بريك في خطابين منفصلين، أكدا على انتقال جنوب اليمن، من مرحلة الفعل الثوري والعسكري إلى بناء الدولة، ومكافحة الفساد وفرض رقابة على المؤسسات الخدمية التي تتصل بحاجيات المواطن بدرجة رئيسية.

وجددا الزبيدي وبن بريك، التزام المجلس الانتقالي الجنوبي، بمكافحة الإرهاب حتى اجتثاثه، قائلا “إن معركتنا مع الإرهاب معركة وجودية منذ أن وطئت جحافل الغزاة دعاة الإرهاب والتطرف والفكر الضال أرض الجنوب الطاهرة صيف عام 1994م، بناء على فتاواهم التكفيرية التي أرادت أن تجعل من أرض الجنوب موطناً بديلاً للجماعات الإرهابية لكسـر إرادة شعب الجنوب، ومن أجل تهديد الأمن والسلم الدوليين، تلك الجماعات الإرهابية التي عاثت فساداً بممارسة الترهيب الفكري وتغيير مناهج التعليم وخلق بؤر متطرفة، وتنفيذ أعمال الاغتيالات والتفجيرات والقتل الجماعي”.

وقال “نجدها مناسبة لنجدد ونؤكد على المضـي قدماً في محاربة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، حتى تأمين وحماية الجنوب من هذه الآفة، ورغم إننا نواجه الإرهاب بإمكانيات محدودة، وبجهودٍ فردية دفاعاً عن أممنا الوطني، والأمن القومي للمنطقة، والأمن والسلم الدوليين، إلا إننا لن نتوانى عن مواصلة معركتنا المستمرة ضد الإرهاب حتى اجتثاثه وتجفيف منابعه”.

أما بن بريك فقد أشاد باليقظة التي تتمتع بها القوات المسلحة الجنوبية وبدورها في الدفاع عن ارضها والوعي الكبير لدى افرادها والايمان بيقظتها وتصديهم لكل محاولات غزو الجنوب وكافة أشكال الإرهاب والحرب الشعواء التي تشنها قوى الإرهاب المدعومة من قبل الإخوان ومليشيات الحوثي.. ‏محذرا في ذات السياق من أن استمرار التحشيد العسكري صوب الجنوب سيدخل المنطقة في أتون فوضى لا تحمد عقباها”.

تأكيد قادة الجنوب على أهمية مكافحة الإرهابية “ليست مغازلة سياسية للغرب”، فالإرهاب لم يضرب أحد سوى الجنوبيين منذ العام 1994م، حين اعتبر قادة الإخوان ان الوحدة بين “صنعاء وعدن” باطلة شرعاً، بل قال الداعية الإخواني عبدالمجيد الزنداني “ان الوحدة كانت صفقة سياسية فقط، أي انها ليست مشروعا للسلام والاستقرار والتنمية”.

فشلت الوحدة اليمنية التي كان يقدر لها ان تكون نموذجاً ناجحا في المنطقة العربية، بفعل إصرار اخوان اليمن وقادة الأفغان العرب، على ضرورة اجتثاث نظام الجنوب الاشتراكي، رغم محاولات أطراف إقليمية أبرزها الأردن “إزالة الخلافات بين الطرفين الموقعين على اتفاقية الوحدة”.

وقعت الحرب وشرعن الإخوان للحرب المفتوحة بالفتاوى الدينية، فلم يعش الجنوب طوال ثلاثة عقود ماضية “أي استقرار”، هجمات إرهابية تضرب البر والبحر في الجنوب، المستهدف هم قادة جنوبيون، حتى من كانوا مع تحالف صنعاء في حرب 1994م، لم ينجوا من الهجمات الإرهابية.

مع مجيء المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو (أيار) 2017م، تغيرت المعادلة، فالجنوب الذي كان يتلقى الضربات من التنظيمات الإرهابية، بات هو من يضرب الإرهاب في اوكاره.

يبرهن المجلس الانتقالي الجنوبي وقادته على وجود تحالف علني وواضح بين التنظيمات الإرهابية “القاعدة وداعش”، وتنظيم الاخوان الممول من أطراف إقليمية “أبرزها قطر وتركيا”، من خلال الكشف بين الفينة والأخرى عن أسماء قيادات في التنظيم تشارك في قيادة الحرب ضد القوات الأمنية في أبين وشبوة، اما وادي حضرموت الذي يخضع لسيطرة قوات تتبع نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، فلا يزال مسرحا للعمليات الإرهابية التي تستهدف أبناء المحافظة، مدنيين وعسكريين، وكذلك الحال في شبوة نجحت قوات النخبة في تأمينها بشكل كامل، وهي التي كانت المعقل الرئيس لتنظيم القاعدة، لكن التنظيم عاد بقوة بعد سقوطها في قبضة الاخوان في أغسطس (آب) 2019م، ولعل اختطاف خمسة من ضباط البحث الجنائي يوم الثلاثاء الـ15 من يونيو (حزيران) الجاري، من قبل تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي يبدو انه كان على علم بتحرك ضباط البحث قبل الإيقاع بهم قرب بلدة ريفية، واقتيادهم ناحية محافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين الموالين لإيران والتي يبدو انها قد أصبحت منطقة أمنة هي الأخرى لمعسكرات التنظيم، على غرار مأرب التي شهدت واقعة مقتل أمير القاعدة في الجزيرة العربية قاسم الريمي.

يمتلك المجلس الانتقالي الجنوبي سجلا حافلا في مكافحة الإرهاب، على عكس حكومة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، التي يتضح انها أصبحت متحالفة مع التنظيمات المتطرفة، لهذا يؤكد الالتزام المتكرر لقادة جنوب اليمن، على أهمية مكافحة الإرهاب، على وجود رسائل دولية وإقليمية قد تمنح الجنوب، بحدود الدولة السابقة، حكما ذاتيا على الأقل، خاصة انه أصبح من الصعوبة استعادة مدن الشمال التي يسيطر عليها الحوثيون الموالون لإيران.

وتأكيدات قادة الجنوب في هذا الشأن توحي بأن هناك رغبة إقليمية في تحصين الجنوب من أي مشاريع “خارجية” تستهدف المنطقة والملاحة الدولية برمتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق