مقال لـ: عمر علي البدوي استهداف السعودية بالذات لم يكن عفوياً

(نخبة حضرموت) اليوم الثامن


بدأت أنقرة بالاعتداء المستتر، قبل أن تتفجر نقمتها في شكل هجوم سافر، لم يراعي أعراف الدول الطبيعية ولا قيم الدبلوماسية المتحضرة، وجاهرت بالتواصل مع كل ما يمت بصلة لعداء العواصم العربية. 

احتضنت الجماعات المتطرفة، وأفسحت تراب مدنها للهجوم الإعلامي المكثف، وقاعاتها لتنظيم المؤتمرات المناهضة والاجتماعات الفاسدة والصفقات المشبوهة. وعقدت على ركام المدن السورية وأجساد المتعبين، تحالفاً مع طهران لتنفيذ خططها، دون اعتبار أو حساب لما تدعيه من أحلام الديمقراطية ومشاريع العدالة السياسية. 

وكانت قطر جزءاً من هذه المهمة الرديئة، حيث تكفلت بلملمة شتات قطع التنظيم الإخواني، الذي تفاخر وفده في الاجتماع بأن الجماعة “لديها أفرع في 85 دولة في العالم”. 

كما تبنت الدوحة تمويل منصاته الإعلامية، وحماية رموزه الأيديلوجية، والاستثمار في المكونات المحلية المشتركة، لضمان تحقيق اختراق في جدار الدول المستهدفة. 

وقد أضحى بيّناً الآن لماذا كانت حملات التلميع والتسويق التي ينالها الرئيس التركي أردوغان بمجانية وكثافة عالية، تستهدف بالأساس المجتمعات الخليجية والعربية لتمرير مفردات مشروع الاستهداف والاختراق. 

وعندما أصبحت قطر في وجه حقيقة اكتشاف أمرها وافتضاح دورها، رفعت الغطاء عما كانت تضمره وتطويه في سراديب سلوكها وتحركاتها الواهمة، ووقعت في شرّ أعمالها وأسقط في يد حكّامها ومسيريها. 

هل من دور أميركي محتمل؟ لا شك في هذا، إبّان حقبة أوباما البائدة، عندما نسجت ملامح وخيوط مشروع شرق أوسطي، أُريد لأردوغان وجماعات الإسلام السياسي أن تلعب فيه دوراً مركزياً لتثبيت دعائمه وتقويض جهود مقاومته، التي نهضت وتصدت لها الرياض وأبوظبي. 

وقد صارح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المجتمع الأميركي والدولي عبر لقائه مع بلومبرغ عام 2018، وقال بأن أوباما خلال فترتي رئاسته عمل عن كثب ضد أجندة السعودية في الشرق الأوسط، ولكن الرياض كانت قادرة على حماية مصالحها وكانت النتيجة النهائية تشهد بنجاحها وأن الولايات المتحدة في ظل قيادة أوباما “فشلت”. 

لقد انسحب هذا الفشل على كل الأطراف المشاركة في المؤامرة المفتضحة. تقلص نفوذ الإخوان وانتشارهم، وقطر مقاطعة ومدحورة في يابستها الصغيرة وقد تكسرت أدواتها المغروزة في الدول العربية، وتركيا تعاني من انحسار تأثيرها وانكماش اقتصادها وقلق سياساتها الداخلية والخارجية. 

أما إيران فهي تدفع الآن ثمناً باهظاً لسلوكها الطائش وتطرد من الحواضر العربية، التي فاخرت ببسط السيطرة عليها، وتشتعل حرائق الظلم والنقمة في مدنها وأطرافها، أمام منطقة عربية أخذت تتعافى مع الوقت، وسعودية تنهض برؤيتها الواعية برفقة الإمارات، التي اشتركت في المغرم وفازت بالمغنم.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق