الحوثيون يهددون «الإغاثة» ويشترطون موافقتهم المسبقة على المشاريع

صنعاء ( نخبة حضرموت ) متابعات





أفادت مصادر إغاثية في العاصمة اليمنية صنعاء، بأن الجماعة الحوثية هدّدت الأسبوع الحالي المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الجماعة بوقف أنشطتها، وفرضت شروطاً جديدة مقابل السماح باستمرار عملها.


 


وذكرت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لـ«الشرق الأوسط»، أن الأيام الماضية شهدت اجتماعات مكثفة بين ممثلي المنظمات الأممية والإنسانية الأخرى وبين قيادات الجماعة الحوثية؛ أملاً في أن تخفف الجماعة قيودها على أنشطة المنظمات.


 


واشترطت الجماعة الحوثية، بحسب المصادر، على المنظمات الحصول على موافقة مسبقة من قادة الجماعة على المشاريع الإغاثية كافة التي تعتزم تنفيذها في مناطق سيطرة الميليشيات وتحديد السقف الزمني للتنفيذ، إضافة إلى القبول برقابة الجماعة على تنفيذ المشاريع.


 


وأوضحت المصادر، أن القيادي الحوثي محمد علي الحوثي توعّد خلال اجتماع مع موظفين أمميين قبل أيام بوقف نشاط المنظمات الإنسانية، بما فيها الوكالات التابعة للأمم المتحدة إذا لم ترضخ لإملاءات الجماعة، وتحديداً ما تسميه «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي».


 


إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام حوثية عن القيادي في الجماعة المعين أميناً عاماً للهيئة الحوثية المسؤولة عن المساعدات عبد المحسن الطاووس، تصريحات ذكر فيها، أن جماعته لا تتحمل أي وزر بسبب عرقلة استمرار العمل الإنساني. كما زعمت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، أن الطاووس عقد اجتماعاً حضره كل من المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا جورج خوري ومدير مكتب «أوتشا» باليمن أيدن أوليري، لمناقشة «آلية عمل المنظمات الدولية وسبل تعزيز الشراكة والتنسيق للتغلب على الإشكاليات التي توجه سير العمل الإنساني».


 


واعترفت المصادر الحوثية بأن الاجتماع تطرق إلى «الإشكاليات المتعلقة بالاتفاقيات الأساسية والفرعية وآلية تنفيذ المشاريع ومعرفة أسباب تأخيرها وسبل معالجة الصعوبات التي تواجه تنفيذها». وزعمت الجماعة الموالية لإيران أن تأخرها في البت في المشاريع الإغاثية يعود «لعدم استيفاء متطلبات تلك المشاريع وعدم تقديمها عبر المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية».


 


وفي حين أدت العرقلة الحوثية لنشاط المنظمات الإنسانية إلى حرمان الملايين من الحصول على المساعدات في موعدها بانتظام في صنعاء وغيرها من المناطق، زعمت المصادر الرسمية للحوثيين أن الجماعة اتفقت مع المسؤولين الأمميين على إجراءات تتعلق بتحديد الفترة الزمنية قبل تسليم المشاريع المقترحة إلى قادتها الحوثيين والفترة الزمنية المحددة لإنجاز الإجراءات المتعلقة بالمشروع.


 


وعلى الرغم من إعلان الجماعة قبل أكثر من أسبوع، أن برنامج الغذاء العالمي سيبدأ صرف المساعدات النقدية في صنعاء، فإن عراقيل أخرى فرضتها الجماعة أمام إنجاز المشروع التجريبي. وكان برنامج الأغذية في اليمن نفى ما زعمته الجماعة الحوثية عن التوصل إلى اتفاق مع البرنامج لبدء توزيع المساعدات النقدية في صنعاء على المسجلين في قوائم البرنامج. وقال البرنامج في بيان، إنه «يرحب بالتقدم الذي تم إحرازه في الآونة الأخيرة بالتنسيق مع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية (الهيئة الحوثية المتحكمة في المساعدات) نحو البدء بعملية التسجيل البيومتري (نظام البصمة) متبوعة بتوزيع المساعدات النقدية في ثلاث مديريات في أمانة العاصمة على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن بعض الشروط» التي طرحتها الجماعة الحوثية.


 


ولم يكشف البرنامج عن طبيعة هذه العراقيل، إلا أنه أكد أنه «لا يمكن إطلاق المرحلة التجريبية إلا بعد حل هذه القضايا العالقة»، كما أوضح أنه «سيبدأ تقديم المساعدات النقدية إلى الأسر المستحقة عند توفر آلية التحقق البيومتري (نظام البصمة) لضمان وصول المساعدات النقدية للأسر المستحقة».


 


وكانت مصادر في الحكومة الشرعية وتقارير أممية اتهمت الجماعة بأنها تفرض على وكالات الإغاثة والمنظمات دفع اثنين في المائة من قيمة مشاريعها في مناطق سيطرتها، دون أن تلقي بالاً لتبعات ذلك على ملايين السكان الذين يتضورون جوعاً.


 


وإذا كانت سرقة المساعدات الإنسانية من قبل الجماعة، هي الأكثر سودواية في الصورة الكلية لعمليات الإغاثة في مناطق الجماعة، فإن مجمل الأوضاع – بحسب المراقبين الأمميين – أصبحت أكثر قتامة ومأساوية في ظل العراقيل والقيود الكثيرة التي تفرضها الميليشيات على الوصول الإنساني في مختلف مناطق سيطرتها.


 


ولعل أسوأ هذه القيود تمثلت في إنشاء الجماعة لما تسميه المجلس الأعلى لتنسيق المساعدات الإنسانية ومواجهة الكوارث والذي أنشأت له فروعاً في مختلف المحافظات الخاضعة لها وربطته بأعلى مؤسسة انقلابية، وهي ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» (مجلس حكم الانقلاب).


 


وتحدد هذه المؤسسة الحوثية مسارات العمل الإنساني، وهي التي توافق على تنفيذ أي مشروع إنساني أو ترفضه في مناطق سيطرة الجماعة، كما أنها هي من تفرض خطوط سير العمل وتعيين الموظفين الموالين للجماعة في مفاصل المنظمات المختلفة.


 


من جهتها، دعت الحكومة اليمنية إلى عدم التهاون الأممي مع الجماعة الحوثية فيما يخص العراقيل التي تضعها أمام تنفيذ مشاريع الإغاثة الإنسانية، وفق ما جاء في تصريحات رسمية لوزير الخارجية محمد الحضرمي خلال لقائه في الرياض أمس (الاثنين) الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للأمومة وللطفولة الـ(يونيسيف) سارة بيسولو نيانتي.


 


وذكرت المصادر الرسمية، أن الحضرمي استعرض مع المسؤولة الأممية «أنشطة وبرامج الـ(يونيسيف) في اليمن ودورها في الإسهام في تخفيف معاناة الأطفال والنساء وتقديم الخدمات اللازمة في المجالات الحيوية، وكذا الجهود الرامية لمنع تجنيد الأطفال الذين تستخدمهم الميليشيات الحوثية وقوداً لحربها العبثية».


 


وكشفت وكالة «سبأ» الحكومية، عن أن الوزير الحضرمي بحث «خطة الـ(يونيسيف) لمراجعة مشروع الحوالات النقدية الطارئ الذي يغطي قطاعاً كبيراً من برامجها في اليمن، والذي يهدف للوصول المباشر للمستفيدين للاستفادة القصوى من المساعدات وتجنب عبث الميليشيات الحوثية بها».


 


وفي حين شدد وزير الخارجية اليمني على «أهمية التعاون والتنسيق مع الحكومة لتيسير عمل المنظمة الأممية وحل الإشكالات كافة التي قد تعترض عملها»، فإنه أكد في الوقت نفسه ضرورة انتهاج الشفافية والحزم في تعامل الـ«يونيسيف» مع الميليشيات الحوثية وعدم الخضوع للابتزاز، خاصة بعد تصاعد العراقيل والانتهاكات والمطالب التعجيزية التي تفرضها الجماعة على المنظمات والوكالات الدولية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق